دخل رجل علينا فى الشركه غريب الهيئه
وجهه وملابسه يملئها الغبار كأنه كان يكنس الشارع
و يخرج طرف قميصه من بنطاله المهترء
ليظهر جزء من كرشه الممتلئ
هذا بخلاف شبشب بلاستك بصباع غريب الشكل
ظننا فى بادئ الأمر انه جاء يطلب مساعدة وإحسان
أو انه قد مر بالخطأ
إلا إنه سريعا ما عرفنا منه
أنه يسأل على الوحدات المصيفية
سألته موظفة الاستقبال كلمت مين؟
لكنه لم يتذكر
طلبت منه الانتظار وأقدمت علينا نحن فريق المبيعات تسألنا
من منكم يجلس معه؟
بدأ الزملاء بالتهرب واحدا تلو الآخر:
– جايلى عميل
– مصدع جدا
– معلش شوفى غيرى
وقال أحدهم: عندك فوزى فاضى
كنت أحدث الموظفين تعيينا
ورغم أنى كنت قد بدأت أحقق بعض المبيعات
إلا أنى كنت بالنسبة لهم
الموظف الصغير الجديد
شيل بقى
تقبلت الأمر بابتسامه ولكن على مضض
لأنى كنت أعد نفسى لاستقبال عميل بعد ساعتين تقريبا
فضلا عن بعض المكالمات والمتابعات المهمه
بالإضافة أن الرجل حقا لا يبدوا عليه أى امارات الشراء
فهو وقت مفقود مفقود يا ولدى
استقبلت العميل بابتسامه مصطنعه
وفى رأسى الف سؤال
كيف يخرج من بيته هكذا
كيف يسير فى الشارع بملابس المتسولين تلك
كيف يظن مثله أنه يمكنه أن يشترى شقه تمليك فى الاسكندريه
ألا يعرف امكاناته
ألا يرى نفسه
حاولت قدر المستطاع
ألا أظهر أى من تلك التساؤلات
ولا تعجبي ودهشتى من شكله
وتعاملت معه بتلقائيه وبساطه
وكأنى لا أرى شيئا عجيبا
وكأنه يرتدي بدله كامله برابطة عنق
وكل ذلك حتى لا أسبب له أى إحراج
وكل ما فى الأمر أن احتمل نصف ساعه ضائعه
ثم أكمل جدولى
وكأنى أدرب نفسى للقاء القادم بعد ساعتين
لا ضير
وبدأت فى عرض المشروعات
ثم وجدت لديه اهتماما وتقبلا للأسعار
دون أن ينزعج أو يشعر بإحراج
بل وبدأ يشاور ويسأل على أسعار الوحدات المميزة
وفى نفسى تعجب
ولكن ولما لا أرضي فضوله
واذا به
يقول سأشترى تلك وتلك
وهنا توقف بى الزمن
ولم أستطع إلا أن أحدق به مندهشا
ولثواني ظلت مزهولا
ثم تمالكت نفسى وأكملت بتلقائيه
ليخرج دفتر شيكاته
ويتعاقد على أربع وحدات وليس وحدتين
بل وأغلاهم سعرا
علمت من بطاقته ومنه
أنه يعمل مقاول كبير فى المحاجر
يورد ويصدر رخام بالملايين
وقد أتى من المحاجر رأسا على الشركه
ويشترى بهدف الاستثمار
تسارع الزملاء لاهثين
فى البحث عن اسمه فى دفاترهم (قبل ال CRM)
لعلهم يشاطرونى فى العموله
ولكن شاء الله ألا يصل احد إلى شئ
وكان درسا بليغا لنا
ظلنا نتذكره سنوات وسنوات
ألا نحكم عل أحد من ملابسه وهيئته
قم بعملك وفقط
فلا تعلم أين يكمن النجاح؟